{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا} يعني: كما جعلنا لك أعداء من مشركي قومك كذلك جعلنا، {لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ} يعني: المشركين. قال مقاتل: يقول لا يَكْبُرَنَّ عليك، فإن الأنبياء قبلك قد لَقِيَتْ هذا من قومهم، فاصبر لأمري كما صبروا، فإني ناصرك وهاديك، {وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نزلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} كما أنزلت التوراة على موسى والإنجيل على عيسى والزبور على داود. قال الله تعالى: {كَذَلِكَ} فَعَلْتُ، {لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ} أي: أنزلناه متفرقًا ليقوى به قلبك فتعيه وتحفظه، فإن الكتب أنزلت على الأنبياء يكتبون ويقرءون، وأنزل الله القرآن على نبي أمي لا يكتب ولا يقرأ، ولأن من القرآن الناسخ والمنسوخ، ومنه ما هو جواب لمن سأل عن أمور، ففرقناه ليكون أوعى لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأيسر على العامل به. {وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا} قال ابن عباس: بيَّنَّاه بيانًا، والترتيل: التبيين في ترسل وتثبت. وقال السدي: فصَّلناه تفصيلا. وقال مجاهد: بعضه في إثر بعض. وقال النخعي والحسن وقتادة: فرقناه تفريقًا، آيةً بعد آية. {وَلا يَأْتُونَكَ} يا محمد يعني: هؤلاء المشركين، {بِمَثَل} يضربونه في إبطال أمرك {إِلا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ} يعني بما ترد به ما جاءوا به من المثل وتبطله، فسمي ما يوردون من الشبه مثلا وسمي ما يدفع به الشبه حقًا، {وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} أي: بيانًا وتفصيلا والتفسير: تفعيل، من الفَسْر، وهو كشف ما قد غطي. ثم ذكرَ مآل هؤلاء المشركين فقال: {الَّذِينَ} أي: هم الذين {يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ} فيساقون ويجرون، {إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا} أي: مكانة ومنزلة، ويقال: منزلا ومصيرًا، {وَأَضَلُّ سَبِيلا} أخطأُ طريقًا.